اكتشاف مدفن روماني تحت مبنى الفاتيكان
[10/26/2006 7:10:00 AM]
كانوا يقومون بمجرد حفر الأساس لبناء مرآب طابقي جديد للسيارات تحت مقر الفاتيكان. ولكن الذي كشفته البلدوزرات كان عبارة عن عالم قديم للأموات-إنه مدينة للموتى أو مقبرة رومانية كبيرة يعود تاريخها إلى زمن المسيح.
ومنذئذ كشفت أعمال التنقيب عن وجود أكثر من 200 قبر جرى ترتيبها على شكل مستويات متعددة وجدت في حالة سليمة ومميزة.
فبالإضافة إلى النقوش الخاصة بالدفن، فقد عثروا على تشكيلة واسعة من التماثيل والمزهريات والجرار الفخارية (التراكوتا) والنقود المعدنية والهياكل العظمية.
صورة الحياة والموت
ومجمل القول أن المقبرة ترسم صورة معقدة عن الحياة والموت في روما القديمة، كما تعطي علماء الآثار لأول مرة فهما عميقا وقيما عن حياة الطبقتين الدنيا والمتوسطة من الرومانيين.
فالبعض منهم كان مجرد حرفيين وصناع مهرة بسطاء وقد دفنوا مع أدلة حسية تشير إلى نوعية المهن التي كانوا يعملون بها.
وفي قبر مصمم مسرح بومبي تم العثور على رموز مثل البوصلة وشكل هندسي على نمط حرف تي باللغة الإنكليزية.
ساعي البريد
وهناك قبور لأناس مثل حامل الرسائل (ساعي بريد) وسائس أو مدرب خيول السيرك وعبد تم إعتاقه فانتقل بعدها إلى مركز مرموق في بلاط الإمبراطور نيرون.
وقد اكتشف أيضا في الموقع هياكل عظمية لأناس فقراء، يمكن أن يكونوا عبيدا، كانوا يعيشون عالة على غيرهم، وقد دفنوا في توابيت خشبية بسيطة دون كتابة أسمائهم عليها.
جياندومينيكو سبينولا، رئيس قسم الآثار الكلاسيكية القديمة في متحف الفاتيكان، يقول: "لقد عثرنا على مسرح بومبي مصغر يظهر الحياة الجنائزية".
ويضيف سبينولا: "نحن عندنا ضريحا هادريان وأغسطس، ولكن في روما هناك ندرة في مدافن الناس من الطبقتين الوسطى والدنيا".
منمنم ومزخرف
وفي بعض الأركان من مدينة الأموات المكتشفة هذه هناك قبور لأناس رومانيين هم أكثر غنى، وقد وجد البعض منهم مدفونين بحلتهم الكاملة في مذبح كنائسي منمنم ومزخرف.
هذا وتساعد النقوش المكتشفة على تشكيل شجرات العائلة وتقدم فهما مهما للحياة اليومية.
وهناك أيضا تابوت حجري لأحد أفراد طبقة فرسان روما القدماء توفي وهو في مقتبل العمر، وقد نحتوا له شكلا ليتذكروه بعد موته ظهر فيه وهو يمد يديه وكأنه في وضع صلاة.
أقدم رموز المسيحية
هذا النوع من المنحوتات عرف باسم "الأورانتي" واعتبر على نطاق واسع كأحد أقدم رموز المسيحية.
وقبل أن يتمكن علماء الآثار من بداية التنقيب، كان يتعين عليهم أن يقوموا بإزاحة أطنان من الأوساخ والصخور من الموقع.
بقد حدث انهيار صخري على تلك الهضبة في القرن الثاني ميلادي، مما ساعد على حفظ البعض من القبور في ذلك المكان.
وقد اكتشفت في الموقع أيضا أرضية مزينة بنقوش ملونة باللونين الأبيض والأسود تظهر إلهة الخصوبة والخمر دايونيسوس وفي الخلفية مشهد لموسم جني العنب.
متحف الفاتيكان
لقد تم ترميم كل شيء بعناية في مخبر متحف الفاتيكان ومن ثم تمت إعادتها إلى المكان الأصلي.
فمن الممرات المبنية بشكل خاص، يستطيع الزوار النظر إلى الأسفل ليروا الهياكل العظمية، بما فيها هيكل عظمي لرضيع دفنه ذووه الذين تركوا إلى جانب جثته بيضة دجاجة.
وقد كانت البيضة، التي أعيد تركيب قشرتها المكسورة من جديد، إما أداة تسلية للرضيع أو ربما تركتها العائلة كرمز لبعث الطفل إلى الحياة من جديد.
أنابيب فخارية
وهناك عدد من الأنابيب الفخارية التي تخرج من القبور لتتوزع في جميع أنحاء المقبرة.
ففي الأيام القديمة، كانت العائلات تجلس إلى جانب القبور وتقوم بالرحلات من وقت إلى آخر لتسكب الخمر والحليب والعسل عبر الأنابيب الفخارية تلك لتجري و تكون غذاء للأموات.
وقد كانت المقبرة تمتد على طول طرفي طريق روماني قديم وهي طريق فيا ترايمفاليس، أي طريق النصر.
مدينة أكبر للأموات
والآن نحن نعلم أن المنطقة المكتشفة ليست إلا جزءا صغيرا من مدينة أكبر للأموات قد تكون غطّت قسما كبيرا من الهضبة.
ولكن سيبقى الكثير من الأسرار دفينا.
وكلفة مثل هذه الحفريات باهظة-فقد كلفت أعمال التنقيب التي أجريت حتى الآن الفاتيكان حوالي 400,000 يورو-وقد حوط الموقع بالأعمدة الحجرية لمبنى مرآب السيارات الجديد.
إن تقدم العالم المعاصر، على الأقل في الوقت الحالي، قد أتى أكله وأثمر عن إجراء المزيد من أعمال التنقيب الهامة.
:king: :king: :king: